sila - salon international du livre d'alger 2013
 
الرئيسية|للاتصال بنا|الطبعات السابقة

الصالون ضيف الشرف البرنامج روح البناف صور و فيديو صحافة SILA

فضاء العارضين فضاء العارضين


معرض الصحافة الزوار
معرض الصحافة معرض الصحافة
فيس بوك

التحقوا بنا على صفحة الفيس بوك
 


ضيف الشرف

جنوب أفريقيا، ضيف الشرف
خُطّ أيها البلد المحبوب

يكرّم الصالون الدولي للكتاب بالجزائر في طبعته الثانية والعشرين جمهورية جنوب أفريقيا التي تحمل معها تاريخا متراكبا ومثيرا وُصم في زمننا المعاصر بنظام التمييز العنصري الأبارتايد وبالكفاح ضده في ملحمة ظهر خلالها نلسون مانديلا الذي أصبح أحد أهم رموز البلد.

ومن رحِم هذا الماضي التليد الذي امتزج فيه العنف الاستعماري بالتفرقة العنصرية وُلد أدب راسخ منح لأفريقيا، من بين ما منح، جائزتين من بين جوائز نوبل الأربعة التي افتكتها القارة. فكان أولها لنادين غورديمار (1923-2014)، التي حصلت على الجائزة في العام 1991، و ثانيها لجون ماكسويل كوتزيه الذي ولد في العام 1940 وحصل على الجائزة في العام 2003.

ويعود ظهور الأدب الجنوب إفريقي إلى مطلع القرن العشرين حيث بدأت الإرهاصات الأولى لأول المؤلفين. على أن نشاطهم كان له من الثقل، بين نظرائهم الأفريقانيين (وهم الأفارقة ذوو الأصول الأوروبية)، ما جعل مجتمعا أدبيا بأكمله يرى النور، وبعد سبع سنوات من ذلك التاريخ استُحدثت أول جائزة أدبية في البلاد، وهي جائزة هيرتزوغ التي كانت تُمنح للنصوص التي تؤلّف باللغات الأفريقية. وقد عمد أول الكتاب إلى تمجيد جمال البلد والقيم الأخلاقية والتزام الرواد بقضيتهم. كما كالوا النقد اللاذع للهيمنة البريطانية ومحتشداتها لكنهم أداروا ظهرهم للسكان الأصليين. وخلال عشرينيات القرن العشرين بدأت الرواية تنأى بنفسها عن المواضيع التي تحمل طابعا جنائزيا كئيبا والتي تتناول الحرب ضد البريطانيين والويلات التي تكبّدها البويريون (وهم الأفارقة من أصول هولندية) وذلك في سعي منها لتطوير أدب أكثر سكينة يستنبئ عن مستقبل الأفارقة. وقد أُطلق على هذه الفترة من عمر الأدب الأفريقي بـ"أدب المكان" (وهو ما يعني حرفيا Plaas Roman).

وانطلاقا من الثلاثينيات بدأت مرحلة ما يُسمّى بـ"الدارتيغارز" (أو الثلاثينيون، وهم الأدباء الذين نشطوا في فترة الثلاثينيات)، وهي حركة أدبية تهتم بالمُعاش اليومي للفرد وتوثّق البحث المستمر للأفارقة عن مرجعيات يتمسكون بها. وقد تزّعم هذه الحركة الكاتب ن.ب فان ويك لوو، والذي كان يرى أن جنوب أفريقيا ما هي سوى همزة وصل بين القارة العجوز والقارة السمراء. وخلال هذه الفترة بالذات ظهر الكتاب الأكثر مبيعا في العالم لمؤلفه ألان باتون " إبك، البلد الحبيب" (Cry, the beloved country ،1948 ) وهي رواية قرأها الكثير من الجزائريين والجزائريات. أما الستينيات فقد شهدت ظهور "الستينيين" (وهم كتاب الستينيات) الذين كانت مؤلفاتهم أكثر جرأة وانتقادا حيال المجتمع وقيمه الأخلاقية السائدة. وقد بدأ جيل من الكتاب الألمعيين بالظهور فكرّس على الصعيد العالمي الكاتبة نادين غورديمار التي ظهرت في الخمسينيات وأندريه برينك (1935-2015) وبرايتن برايتنباخ الذي ولد سنة 1939والذي كان ضيف شرف الطبعة السادسة عشرة من معرض الكتاب في العام 2011. وتمثّل هذه الأسماء الثلاثة تمسك العديد من الكتاب البيض بالكفاح ضد التمييز العنصري، وهي إحدى أهم سمات أدب "الستينيين". وبذلك كان برينك أول كاتب أفريقي تحظر الحكومة مؤلفاته عقب نشره لرائعته "سنة بيضاء عجفاء" (1979)، وسُجن برايتنباخ بسبب نضاله ضد الأبارتايد.

بعد انهيار نظام التمييز العنصري الذي فتح الباب واسعا أمام تنظيم انتخابات متعددة الأعراق سنة 1994 وانتخاب نيلسون مانديلا رئيسا للجمهورية، شهد العالم ولادة "الأمة القوس قزحية"، وهو الاسم الذي أطلقه عليها كبير الأساقفة ديسموند توتو. لكن البلد الذي يزخر بالخيرات والثروات والذي أضحى قوة اقتصادية يُحسب لها ألف حساب مازال عليه أن يحمل عبء ماض من الجَوْر واللامساواة. وفي هذه الخارطة التي ترتسم معالمها شيئا فشيئا، أضحى الأدب أيضا يشهد تغييرات. فقد أصبحنا نرى كتّابا يفرضون وجودهم على الساحة الأدبية حتّى وإن كانوا يوصمون بـ"ذوي البشرة الملونة"، لأنهم ينتمون لمجتمعات زنجية ومختلطة وهندية وغيرها من المجتمعات الأخرى التي تجرّعت مرارة الميز العنصري. وتعود أولى الروايات التي جادت بها قريحة كاتب زنجي إلى العام 1930، وهي رواية "مهودي" لصاحبها سولومون بلاتج الذي يعدّ أحد الآباء المؤسسين لسلف حزب المؤتمر الوطني الأفريقي. وقد حاول، على مدى القرن العشرين، بعض الروائيين والشعراء الزنوج أن يفرضوا أنفسهم بشق الأنفس في المعترك الأدبي لكن تداعي نظام الميز العنصري أطلق العنان لأصوات ظلت إلى غاية الآن مكبوتة، فأضحت اليوم تلغُو بلغْوِ الكتابات المعاصرة. ونضرب على ذلك مثالا الكاتب زاكس مدا الذي اقتنص جائزة الكومنولث للكتاب في العام 2001.

وقد أخذ العديد من الكتاب الأفارقة يستنبئون المجتمع الجنوب أفريقي الحديث حتى يعبّروا عن تناقضاته ومخاوفه وهو بالتحديد ما فعله ج.م.كورتيز الحائز على جائزة نوبل. ففي روايته التي حازت على الجائزة، تحدث عن "وَحدة الرجل الأبيض". كما يبدأ في الظهور جيل جديد من الكتاب الذين، وإن اختلفت مشاربهم، إلا أنهم أثروا رصيد اللغات الأحد عشر الرسمية في جنوب أفريقيا وجددوا النظرة إلى بلدهم من خلال أعمال تركّز على حاضر ما بعد التمييز العنصري، بصعوباته و بإنجازاته وبآماله.

ويغذي هذا الأدب قطاع كتاب ينشط لقراء يقدّر عددهم ب1,8 مليون شخص ونصف مليون ممن يقتنون الكتب في المكاتب. وتعدّ هذه السوق محدودة بالمقارنة مع الملايين الستة والخمسين من الساكنة، لكنها تسعى لتوسيع رقعتها قدر الإمكان. وفي هذا السياق طوّرت العديد من المبادرات لهذا الغرض بالتحديد لكن المنافسة شرسة في قطاع موصوم بميله للتكتّل. فرغم فرض القطاع ضريبة عامة على القيمة المضافة تجاور الـ %14، واحتجاج المحترفين في الميدان عليها، صارت الكتب المستوردة (وأغلبها من بريطانيا)، تعدّ منتجات تربوية، معفية من التعريفة الجمركية وهو إجراء تأثر خلال السنوات الأخيرة بسبب انخفاض قيمة العملة الوطنية الراند. أما الكتب التي تُطبع محليا فأسعارها خيالية بسبب محدودية السحب (بين 1000 و3000 نسخة) وقد جاور إنتاج النشر في العام 2013 رقم أعمال إجماليا قدره 4,6 مليار راند أو ما يعادل 357 مليون يورو. وضمن هذا المجموع يمثّل الكتاب المدرسي ما يربو عن الـ69 % ( بوجود 21 ناشرا متخصصا) والكتاب الجامعي بحصة 13,3% مما لا يدع للأصناف الأخرى سوى حصة 17,2% من السوق. وفي هذه الحصة التي تخص الأدب القصصي نلاحظ تكتّلا قويا لثلة من الناشرين، ويقدّر عددها بأربعة، ويستأثرون وحدهم بثمانين في المائة من السوق. وقد استفاد الكتاب المدرسي والجامعي على حد سواء من دمقرطة التعليم بعد انهيار نظام التمييز العنصري. أما الكتب المستوردة فاقتصر حظها على 14 % من قيمة السوق. وفي العام ذاته، أي 2013 ، أحصت الجمعية الوطنية للناشرين الجنوب أفريقيين 112 دار نشر من بينها 87 دارا عضوا في الجمعية. وقد استأثرت هذه الدور بـ 90 % من رقم أعمال القطاع كما أحصِيت 17 دارا برقم أعمال يفوق 3,8 مليون يورو. أما الكتاب المستورد فلا يمثّل سوى 14 % من قيمة السوق. والكتاب الرقمي، الذي لم يبارح الهامش في أهميته، أضحى اليوم يشهد تقدما مثيرا للاهتمام. فقد انتقلت جنوب أفريقيا من 860 كتابا رقميا في العام 2011 إلى 3864 في العام 2013 مع وجود 10 دور نشر تنشط أكثر من غيرها في هذا النوع الجديد من النشر. ويعذّ التركيز في التوزيع عاليا جدا رغم وجود مؤسستين فقط تتقاسمان السوق ( مؤسسة أون ذو دوت ومؤسسة بوكسايت أفريكا).

وتولي جنوب إفريقيا أهمية كبيرة للكتاب والمطالعة بحيث يكثر الناشطون الذين لم يألوا جهدا في هذا الميدان ونذكر من بينهم وزارة الفنون والثقافة التي ترسم التوجهات الثقافية الوطنية وتسعى إلى المساهمة في التطور الاقتصادي واستحداث مناصب عمل من خلال الصناعات الثقافية. وقد بلغت ميزانيتها في العام 2016 أربعة ملايير راند (أو ما يجاور 249 مليون يورو بسعر الصرف الحالي).

ولا بد أن ننوه إلى الدور الهام الذي اطلعت به المكتبة الوطنية لجنوب أفريقيا التي تمد بجذورها إلى القرن التاسع عشر وتحتضن بين جنباتها مركزا للكتاب يهدف إلى الترويج له. أما المجلس الوطني للكتاب (المجلس الجنوب أفريقي للنهوض بالكتاب SABDC) فهو منظمة غير ربحية تحوّلت منذ العام 1998 إلى لجنة تضم ممثلين عن كل صنائعي له دور سلسلة طبع الكتاب من ناشرين وأصحاب مكتبات ودور طباعة وغيرهم. كما استُحدث في نفس السياق المجلس الوطني للفنون (NAC ) في العام 1997 وقد ساهم منذ إنشائه في النهوض بقطاع الكتاب من خلال منح مساعدات للكتابة (منح وإقامات للتأليف والبحث) والنشر والتكوين في الطباعة ولتنظيم معارض وإصدار مجلات أدبية. وتعد جمعية الناشرين بجنوب أفريقيا المنظمة الوحيدة التي تضطلع بهذا الدور بحيث تدافع عن مصالحها كما أنها المتحدث الوحيد مع الدولة ومع مجموع الشركاء العموميين والخواص. وتضاف إلى هذه المؤسسة جمعية أصحاب المكتبات (جمعية بائعي الكتب الجنوب إفريقيين SABA ) وهي الممثل الوحيد الذي يشجع إنشاء مكتبات وجمع الإحصاءات في القطاع. وتنضوي هاتان المؤسستان الرئيستان تحت لواء المجلس الوطني للكتاب. فضلا عن ذلك نجد مؤسسة المكتبات الوطنية (مصالح إعلام المكتبات بجنوب أفريقيا، LIASA )التي تحرص على تطوير هذا الفرع وعلى تطبيق الممارسات المحمودة والاحترافية.

ومن نافلة القول أن الجوائز تسهم في ترويج الكتب والكتّاب على حد سواء وتبث الروح في قطاع المنشورات في البلد. ففي كل سنة تمنح وزارة الفنون والثقافة جوائز في المجالات التالية: الأقصوصة (التي سميت باسم نادين غورديمار)، والكاتب الذي لم يتجاوز الأربعين، وتكريم كاتب متوفى، وتكريم كاتب ما عن مجمل أعماله، وتكريم الصحافة الأدبية والشعر والرواية ومؤلفات اللاخيال. وعدا عن ذلك تمنح جريدة "الصانداي تايمز" جائزتين مرموقتين أولاهما جائزة باري رونج للسرد الخيالي (الخيال) التي استحدثت في العام 2001 وجائزة ألان باتون (اللاخيال) التي استحدثت في العام 1989. وتمنح جامعة جوهانسبرغ كل سنتين جائزتين أدبيتين هامتين للرواية خيالية ولباكورة الأعمال.

كما أن معارض الكتاب والمهرجانات الأدبية لها دور كبير في النهوض بالقطاع. من أجل ذلك استحدث معرض كتاب الكاب في العام 2006 فصار موعدا لا يُفوّت على أجندة الناشرين وأهل الأدب وأصبح اسمه منذ سنتين "معرض جنوب أفريقيا للكتاب" وتتداول على استضافة فعالياته مدينتا كاب تاون وجوهانسبورغ. ولا شك أن في تنظيم هذا المعرض تأكيد على طموح متجلِّ لبلوغ العالمية واكتساح المحافل الأدبية للقارة السمراء. وليس مهرجان فرانشهوك الأدبي، الذي انطلق في العام 2007، سوى مثال على فعالية لها ثقلها على الساحة الأدبية تتيح لمائة وخمسين كاتبا جنوب أفريقيا وأجنبيا أن يلتقوا لتبادل التجارب حول مائة وعشرين مائدة مستديرة. ولا يضاهيه في الأهمية سوى مهرجان الأوبن بوك بكاب تاون الذي يُنظّم في شهر سبتمبر من كل سنة ويستقبل ما يقارب العشرة آلاف زائر شغوف بأدب الشباب والتصميم الإبداعي. ولا تفوتنا الإشارة للفعاليات التي ينظمها مركز الفنون الإبداعية ( CCA ) من قبيل "تايم أوف رايترز" و"بويتري أفريكا" فضلا عن معرض كتاب كينغزميد الذي أطلقته إحدى الثانويات الخاصة بجوهانسبورغ في العام 2011. وعلى الأجندة الأدبية لجنوب أفريقيا نجد أيضا فعاليات مثل "مهرجان السباير بويتري" و"مهرجان الميل والغارديان الأدبي" الذي تنظمه الجريدة التي تحمل الاسم ذاته ناهيك عن مهرجان "الووردفيز" الذي تنظمه جامعة ستيلينبوش. كثيرة إذا هي الفعاليات التي تتيح تنوع اللقاءات الأدبية وتقف شاهدا على أدب وعلى نشر أصبح كل منها ينضح بـ "ألوان قوس قزح" ويسلّط الضوء على الإبداع منقطع النظير الذي تزخر به القارة الأفريقية والعالم بأسره وذلك رغم الصعوبات القائمة.

قسم تحرير الصالون الدولي للكتاب بالجزائر SILA
معطيات الدراسة استقيت من المكتب الدولي للنشر في فرنسا ( BIEF) (جانفي 2017) حول النشر في جنوب أفريقيا.



 
Partenaire du SILA - Salon international du livre
جميع الحقوق محفوظة - صالون الجزائر الدولي للكتاب © Conception, Réalisation & Référencement
bsa Développement