sila - salon international du livre d'alger 2013
 
الرئيسية|للاتصال بنا|الطبعات السابقة

الصالون ضيف الشرف البرنامج روح البناف صور و فيديو صحافة SILA

فضاء العارضين فضاء العارضين


معرض الصحافة الزوار
معرض الصحافة معرض الصحافة
فيس بوك

التحقوا بنا على صفحة الفيس بوك
 


صحافة

كحالة القراءة إنسانية

بقلم: السيد عز الدين ميهوبي
وزير الثقافة

تظلُّ القراءةُ السلوكَ الإنسانيّ الأقدرَ على نقل المحمول المعرفي والفنيّ والأدبي من فردٍ إلى فردٍ، ومن مجموعة إلى مجموعة، ومن مجتمع إلى مجتمع، والأهمُّ؛ من زمن إلى آخر، لذلكَ يمكنُنا اعتبار القراءة دليلا حيّا على مدى قدرة هذا الفرد أو ذاك على تجديدِ محموله ومخزونه المعرفي والثقافيّ، وعلى مدى قابلية المجتمع لتجديد معارفه ومنجزاته وقدراته، لكنّنا نقفُ متسائلين عنْ أشكال القراءة اليوم وهي تتجاوزُ الورقيّ إلى صيغ أخرى، ذلك أنّنا تعودنا على أنّ فعل القراءة هو تتبُّع المعرفة والأدب والتاريخ ومختلف أصناف العلوم والفنون من الكتاب الورقيّ، وألفنا النظرة النمطية للقراءة، من أنّها استقراء للنصّ المكتوب.. لكنّنا صرنا اليوم نتلقّى القراءة من مصادر أخرى من غير الكتاب الورقيّ في شكله الكلاسيكيّ، على غرار الكتاب الالكترونيّ والكتاب المسموع والكتاب الحسيّ ومختلف وسائل الإعلام التي تقدّم لنا المعرفة التي كانت حكرا على دعامة واحدة هي الكتاب وفي أحسن الأحوال عن طريق الرواية الشفويّة، فهل يمكنُ أن تقدّم لنا هذه الصيغ من القراءة بدائل حقيقية عن الكتاب الورقيّ؟.

سيختلف الكثيرون بين مؤيد ومعارض، بين من يرى أنّ الكتاب الورقيّ سيظلّ سيّد القراءة ومن يعتقدُ أنّه علينا أن نتجاوز الورقيّ إلى الرقميّ والمسموع. في النهاية سينقسم الكثيرون بين الرفوف والحواسيب، لكنّنا سنكون مع الفريقين وسنشجّع القراءة في كلّ أشكالها، وسنستمرّ في تنظيم سوق الكتاب الورقيّ ونمضي قدما في الدفع بمشروع الكتاب الالكترونيّ، ذلك إنه في الوقت الذي يعلن عن افتتاح الطبعة الثانية والعشرين لصالون الجزائر الدولي للكتاب، نكون قد استكملنا مشروع مرسوم تنفيذي خاص بالكتاب الالكتروني طبقا لقانون 15-13 المؤرخ في 15 جويلية 2015 والمنظّم لنشاطات وسوق الكتاب. يوضّح هذا النص الآفاق المستقبلية التي يندرج فيها هذا المجال تماشيا مع التطورات الحاصلة في عالم القراءة الجديدة، وإننا عازمون على تطوير النشر الرقمي في بلادنا ومراقبته من أجل تسهيل الحصول على المعرفة اللازمة للقراء من مختلف الأجيال سيما الشباب الذي تعوّد على تكنولوجيات الاتصال الجديدة. فإذا كان الكتاب في ماديته المتكوّنة من الورق والحبر، كائنا جميلا نظل متمسكين به، إلا أن الأهم يكمن في المطالعة التي يقدّمها لنا من خلال نقل العلوم والآداب والتقنيات والأفكار والقيم والخيال والفكر وروح الاكتشاف.

إننّا من خلال تشجيع هذا النهج، الذي يندرج ضمن الرؤية التي طرحتها منظومة الإصلاحات التي بار بها فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، ندرك أن الكتاب المادي لا يزال مهيمنا، حتى في أكثر البلدان تقدما في مجال النشر الرقمي. ولهذا ينبغي علينا أن نستمر في إعطاء الأهمية الكبيرة للأشكال "الكلاسيكية" الخاصة بصنع الكتاب وطرق توزيعه واستعماله، وهذا يفترض وجود مهنيين في مجال النشر لا طفيليين يرتزقون من دعم الدولة لحركة النشر بممارسة السمسرة وانتهاز فرص تنظيم الفعاليات الثقافية الكبرى، وفي هذا السياق، فإن صالون الجزائر الدولي للكتاب يظلُّ مقياسا حقيقيا ومعيارا مثاليا للحكم على مدى تطوّر عالم النشر، ويمنحنا فرصة للاطلاع على جديد السوق العالمية للكتاب ، ويعرض أمامنا أيضا حالة الوعي والمعرفة لدى المبدعين والمؤلفين، ويمكننا من معرفة توجهات الساكنة والقراءة ومن ثمّ تحديد الحاجيات المعرفية وترتيب الأولويات الثقافية بالنسبة لنا.. إنّه الحدث الثقافيّ الكبير الذي جعلنا نثقُ في الفرد الجزائريّ الذي تجاوز مفهوم القراءة من الشغف والهواية إلى البحث والاستقصاء واختيار ما يقرأ، أعتقدُ أنّ زمن المطالعة انتهى ونحن اليوم في زمن القراءة وشتان ما بين المطالعة (كحالة هواية) والقراءة (كحالة وعي)،

فالقارئ الذّي يقضي أسبوعا كاملا في البحث عن بضعة عناوين قارئ مهم يجب الاستثمار فيه، ومن أجل هذا القارئ / المواطن سنعمل على تطوير سوق النشر ليصل إلى الكتاب الورقي، وعلى تسهيل وصوله بشكل سلس ومرن الى الكتاب الالكترونيّ. لكن، ونظرا لعدم استقرار سوق النشر في الجزائر لدى الخواص، فإنّ الدولة عملت على خلق فضاءات للمطالعة العمومية التي تعتبر ضرورة ملحة في الوقت الحالي، فبلغت هذه الفضاءات تحت مسمى الشبكة الوطنية للمكتبات العمومية نحو 1500 مكتبة، تدير ثلثه وزارة الثقافة، كل هذا من أجل ضمان حق المواطن في القراءة سيما في القرى والأماكن النائية، في انتظار أن يبادر الخواصّ المستفيدون من مختلف صيغ الدعم الماديّ في صناعة الكتاب إلى بذل مزيد من الجهد لتنظيم أنفسهم وعدم اكتفائهم بالتظاهرات الثقافية الكبرى فقط، بل تقع عليهم المسؤولية الكبيرة في المبادرة إلى خلق الجو والمناخ المناسب لانتعاش هذا السوق، ومن شأن المركز الوطني للكتاب أن يعمل على فتح ورشات خاصة بمهن النشر، لذلك فإنه على المساعدات العمومية أن تتجه إلى المشاريع التي يضطلع بها محترفون حقيقيون واعون بنبل الكتاب ومكانة الكتّاب ومقدّرون لقيمة المؤلفين. لا يمكن للدولة أن تتخلى عن دورها الداعم، ولكن من حقها أن تنتظر من المستفيدين من هذه الإعانات، مثلما هو معمول به في كل مكان، مساهمة فعّالة في ترقية الكتاب وازدهار فعل القراءة.

لاحظنا أن هذه الرسالة بدأت تُستوعب أكثر فأكثر، ولقد أعطانا صالون الكتاب مؤشرا إضافيا عن ذلك من خلال زيادة عدد العارضين الجزائريين المشاركين في هذه الطبعة مقارنة بالطبعة السابقة. ذلك أنّهم يشغلون أكثر من نصف مساحات العرض، كما أن هناك تحسينات واضحة للعيان تواكب هذا التقدّم. وعليه، فإننا واثقون من أنه إذا اجتمع شغف القرّاء وجدية العارضين وأصحاب الحرفة، مع دعم مناسب من الدولة، فإنه سيتحقق من دون شك نمو عالم النشر والكتاب في بلدنا.

من بين المشاركين الوافدين من جميع أنحاء العالم، نستضيف هذا العام كضيف شرف، جنوب إفريقيا، التي تربطها بالجزائر علاقات تاريخية عميقة. ويشعر المواطنون الجزائريون، خاصة من خلال الشخصية التاريخية الكبيرة نيلسون مانديلا أحد حكماء العالم، بثقل جنوب افريقيا البلد الذي يكنّ احتراما وتقديرا كبيرين للجزائر شعبا وتاريخا وحكومة، وسيكون وجود جنوب افريقيا ضيف شرف على هذه الطبعة فرصة ليتعرف جمهور القرّاء في الجزائر على البلد الذي أهدى لإفريقيا وللعالم جائزتي نوبل في الأدب، وأنها تملك أدبا كلاسيكيا ومعاصرا يزخر بالإبداع ويمتاز بتنوّع فريد. إن هذه المشاركة المشرّفة من شأنها أن تعزز البعد الإفريقي لصالون الكتاب، كما سيتعرف ضيوفنا من هذا البلد وغيره على ثقافتنا وهويتنا وتاريخنا الفني والثقافي المتنوع والكبير والذي يعدّ الكاتب مولود معمري أحد أهم رموزه، وفي هذا الخصوص تقرّر أن نحتفي بالذكرى المئوية لميلاده من خلال ملتقى دولي من تنظيم المحافظة السامية للأمازيغية على هامش فعاليات هذا الحدث.

في الأخير، لا بدّ أن نرفع أسمى عبارات الاحترام والتقدير والشكر لفخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة راعي هذا الحدث الكبير، والذي كان له الفضل في وصولنا الى الطبعة الثانية والعشرين بمتابعة ورعاية كريمتين من فخامته، وإذ أعبّر عن تمنياتي بالنجاح لهذه الطبعة الثانية والعشرين، أتقدم بأحرّ تحيّاتي لمحافظة المعرض الدولي للكتاب ولجميع المشاركين فيه، من مؤلفين وناشرين، وبطبيعة الحال، جمهور الكتاب.


 
Partenaire du SILA - Salon international du livre
جميع الحقوق محفوظة - صالون الجزائر الدولي للكتاب © Conception, Réalisation & Référencement
bsa Développement